إذا كان التلميذ هو محور العملية التعليمية
فإن المعلم يعد العمود الفقري للنظام التعليمي، وهو ربان السفينة التي لا يمكن لها
أن تصل الى بر الأمان دون قيادته، وإذا كان الحديث عن التعليم فلابد من الحديث عن المعلم
فلا تعليم دون معلم .
إن احترام المعلم ومنحه دوراً محترماً هو
جزء من إنتاج الأجيال المحترمة، وهؤلاء الذين ينزعون عنه أدوات القوة والاحترام لا
يتجنّون عليه وحده، بل يتجنّون على العملية التعليمية برمتها، وعلى المجتمع وسرعة
تطوره والسماح له بالوصول الى ما وصلت اليه الامم المتطورة .
و من هؤلاء نجد الإعلام الذي لعب دوراً كارثيا
في تدني هيبة المعلم، حيث نجده دائما يعرض المعلم بصورة مبتذلة غير محترمة، ويقدم
صورة سلبية عنه ، كما نجد أن معظم أولياء الأمور قد ساهموا في هذه الحالة التي يعيشها
المعلم، فبالأمس كان ولي الأمر يساند المعلم ويحترمه، اما اليوم يشارك الأهل أبناءهم
بالهجوم والوقوف على أي زلة تصدر من المعلم ، الى جانب نظرة المجتمع التي باتت
مرتبطة بمستوى الدخل الاقتصادي، فبتدني الوضع الاقتصادي صاحبه تدن في نظرة
المجتمع، فخسر المعلم دوره الاجتماعي الذي كان يتمتع به ، كذلك عدم وجود تخطيط واضح و رؤية
تربوية وتعليمية توضح سياسة وبرامج المدرسة ، مما يولد النظرة السلبية تجاه
المدرسة، و من ثم يقلل من مكانة المدرسة ومن ثم هبة و مكانة المعلمين.
إن الاهتمام بمهنة التعليم في أي مجتمع من
المجتمعات وتمتيع المعلم بنصيب وافر من الاحترام والتقدير والإشادة به وبمهنته، إنما يشير إلى مدى مسؤولية ذلك المجتمع تجاه
مستقبل أجياله، ومدى حرصه على توفير الخدمات التربوية لأبنائه . و ما من أمة تسعى لأن تحتل مكاناً مرموقاً بين
الأمم، إلا وأولت العملية التربوية اهتماماً بالغاً تستطيع من خلاله بناء جيل واع
متمثلاً في ثقافته أولاً ثم قادراً على التكيف مع معطيات التكنولوجيا الحديثة
ثانياً.
و لكم أن تسألوا أحمد زويل صاحب جائزة نوبل حين سأل
رئيسة وزراء ايرلندا ما الذي جعل ايرلندا تقفز من اسفل السلم في الاتحاد الاوروبي
الى أعلى السلم، فأجابت التعليم التعليم التعليم. ولكم أن تسألوا نيتشة الفيلسوف الالماني
عندما احتلت فرنسا مقاطعتي الألزاس واللورين من ألمانيا، قد قال: أعطوني التربية لأحرر
الألزاس واللورين، ولم يطلب الدفاع ولا الداخلية ولا الأمن. و لكم أتسألوا رئيس وزراء اليابان عن سر التطور والتقدم التكنولوجي في اليابان ، فأجاب: أعطينا المعلم راتب وزير و حصانة دبلوماسي سفير و مكانة إمبراطور .و لكم أن تسألوا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حينما احتج القضاة بسبب قلة رواتبهم مقارنة مع المعلمين الذين يتقاضون أعلى الرواتب، فقالت ميركل للقضاة: إن
المعلمين هم الذين يخرجون لنا القضاة والمهندسين والأطباء ورجال الشرطة
والجيش وغيرهم، أما أنتم فماذا تخرجون لنا؟